سلطنة عُمان تتسلّم شهادة اعتراف دولية من منظمة الصحة العالمية
انستا عمان- تسلّمت سلطنة عُمان اليوم الاعتراف الدوليّ بالقضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري ومرض الزهري من الأم إلى الطفل، لتكُون أول دولة من دول إقليم شرق المتوسط تحصل على هذه الشهادة العالمية المرموقة.
وأكد معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة في تصريح له أن هذا الإنجاز يُعدُّ أحد النجاحات الكبيرة وخطوةً للأمام للرقي بالخدمات الصحية في سلطنة عُمان، وأن السلطنة تخطو خطواتٍ واضحةً للرقي بالخدمات الصحية المقدمة من أجل تحقيق الصحة الشاملة لكل مواطن ومقيم، مشيرًا إلى وجود الكثير من البرامج الصحية التي تعمل عليها وزارة الصحة لتحقيق التقدم بها.
وأكد الدكتور سيف بن سالم العبري مدير عام مراقبة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة ورئيس اللجنة الوطنية للتحقق من انتقال فيروس العوز المناعي المكتسب والزهري من الأم إلى الطفل في كلمة له أن هذا الإنجاز هو ترجمة لكفاءة النظام الصحي في سلطنة عُمان، وجودة الخدمات التي تقدمها المؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص، وانعكاس للتعاون والتناغم بين مختلف الجهات الحكومية التشريعية والتنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني.
وأضاف أن الإنجاز تَحقق نتيجةَ العمل المؤسسي والجماعي والفردي الذي خُطط له بعناية ونُفّذ بدقةٍ وتُؤكد من نتائجه بمنهجية علمية، شارك في هذا الإنجاز الخبراء المحليون من سلطنة عُمان وخبراء عالميون، ووثّقت التجربة بمراحلها المختلفة وبكل تفاصيلها بمهنية عالية وعناية شديدة وفق معايير عالية المستوى لضمان الاستفادة منها على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
وذكر أن ما يتحقق في سلطنة عُمان هو ترجمة عملية لالتزام حكومة سلطنة عمان التام والمتواصل بتقديم أفضل الخدمات الصحية لجميع المواطنين والمقيمين، بكل أنواعها وعلى مختلف مستوياتها، تنفيذًا للسياسة الصحية الوطنية واسترشادًا برؤية عُمان 2040.
وأكد أن المهمة لن تنتهي بعد تحقيق هذا الإنجاز وإنما هي بداية لمرحلة جديدة من العمل للارتقاء ببرامج الصحة العامة مستفيدين من هذه التجربة، وأن سلطنة عُمان ملتزمة بالقضاء على فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي والأمراض المنقولة جنسيًّا بحلول عام 2030.
وأشار إلى أن النجاح في هذا المشروع لم يكن ممكنًا لولا تظافر الجهود المشتركة للعديد من الجهات المعنية، ممثلة بالمديريات العامة المركزية وجميع مؤسسات الخدمات الصحية في مختلف محافظات سلطنة عُمان والمستشفيات المرجعية والخدمات الطبية لقوات السلطان المسلحة وشرطة عُمان السلطانية والمؤسسات الصحية الخاصة.
وأعرب في ختام كلمته عن شكره وتقديره لجميع العاملين في المؤسسات الصحية من كوادر طبية وإدارية وإلى القيادات الصحية في تلك المؤسسات لما يقدمونه من خدمات متقدمة لجميع المرضى وخصوصًا النساء الحوامل والمرضى المتعايشين مع مرض فيروس نقص المناعة المكتسبة، مثمنًا دور الجهات والمؤسسات الداعمة الأخرى المساهمة في نجاح المشروع.
وهنّأ معالي الدكتور تيدروس أدهان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في كلمة مسجلة له سلطنةَ عُمان على كونها أول دولة في منطقة الشرق المتوسط تحصل على اعتراف منظمة الصحة العالمية بالقضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري ومرض الزهري من الأم إلى الطفل، وبذلك تصبح الدولة الـ 16 التي تحصل على هذا الاعتراف، مشيرًا إلى أن هذا النجاح ما كان ليتحقق دون تقديم التزام سياسي استثنائي.
ولفت معاليه بأن الحفاظ على هذا الإنجاز الهائل يتطلب استمرار دعم الجهود واسعة النطاق من أجل منع انتقال عدوى فيروس الإيدز والزهري لجميع السكان، وأنه بوسع سلطنة عُمان في الوقت ذاته الاستفادة من هذا النجاح للعمل على القضاء على انتقال التهاب الكبد الوبائي.
وأكد معاليه دعم المنظمة لسلطنة عُمان لتعزيز نظامها الصحي وتوفير خدمات شاملة تكفل حماية حقوق النساء المصابات بفيروس نقص المناعة البشري أو مرض التهاب الكبد الوبائي (B)، وإشراك المرأة في تقديم الخدمات الصحية وخططها.
من جانبه أكد الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للشرق المتوسط في كلمة له أن هذا الإنجاز الكبير دليل على التزام سلطنة عُمان بتنفيذ تدخلات الصحة العامة التي تستند إلى البيانات، وضمان حصول جميع النساء المتعايشات مع فيروس العوز المناعي البشري وأطفالهن على الخدمات دون أي تمييز، معربًا عن أمله في أن تقود عُمان الآن أنشطة الدعوة وتبادل الخبرات في الإقليم لتعزيز النهج الذي يستمد جذوره من الصحة العامة وحقوق الإنسان.
وقال: إن تحقيق هذا الهدف كان تتويجًا لسنوات من العمل على تعزيز قدرات خدمات الرعاية الأولية وتحسين الحصائل الصحية للنساء وأطفالهن في إطار الخدمات الصحية الراسخة والناجحة للأمهات والأطفال في الفترة المحيطة بالولادة؛ فالملكية والقيادة القوية من جانب الحكومة والنظام الصحي القوي وتقديم الخدمات المتكاملة والتزام الأمهات والأسر كلها ممارسات مثلى تقدم دروسًا كثيرةً يمكن استخلاصها، وسيعود الجهد المستثمر بفوائد عظيمة على أجيال جديدة ستولد سليمة من العدوى بفيروس العوز المناعي البشري والزهري.
وأضاف: ولئن كان القضاء على انتقال العدوى بفيروس العوز المناعي البشري والزهري من الأم إلى الطفل إنجازًا كبيرًا، فلا بد من مواصلة الالتزام الذي يحافظ على ما تحقق، وله أهمية بالغة أيضًا في وقت انتقال سائر أنواع العدوى مثل التهاب الكبد (B). وما من شك في أن الحفاظ على سلامة الجيل القادم من فيروس العوز المناعي البشري والتهاب الكبد (B) والزهري سيتطلب استثمارات مستدامة وجهود دؤوبة.
وأكد على أهمية مواصلة الحيطة والحذر، خاصةً أن الفاشيات والأوبئة ما زالت تحدث وستظل تحدث، وقد تصرف انتباهنا عن هذه الأهداف في نهاية الأمر.
كما أعربت سعادة أديل خضر المديرة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كلمة لها عن فخرها وسعادتها بكون سلطنة عمان أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُحقق هذا الإنجاز المزدوج.
وأضافت سعادتها: على الصعيد العالمي كان هناك تقدم ملاحَظ على مدى العقد الماضي في توفير العلاج بمضادات الفيروسات للنساء الحوامل المصابات بفيروس نقص المناعة المكتسب، لدرجة أنه في عام 2021 حصلت 81 % من النساء الحوامل المصابات على الأدوية المضادة للفيروسات لمنع انتقال الفيروس إلى أطفالهن.
وأكدت سعادتها على أن الإنجاز الناجح لسلطنة عمان في القضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري ومرض الزهري من الأم إلى الطفل يوضح للجميع أن الوضع يمكن أن يتغير في السياقات السائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في السياق ذاته هنأت سعادة الدكتورة شيرين الفقي المديرة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة للإيدز في كلمة لها سلطنةَ عُمان على هذا الإنجاز المهم، مؤكدةً على ضرورة المضي قدمًا في هذا المجال، موجهةً شكرها لكل الجهود المبذولة في هذا الشأن.
وفي ختام الحفل قام سعادة الدكتور أحمد بن سالم المنظري بتسليم معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة شهادة الاعتراف الدولية بالقضاء على انتقال فيروس مرض نقص المناعة البشري ومرض الزهري من الأم إلى الطفل وجرى خلال الحفل تكريم فريق العمل المشارك في المشروع.
حضر الحفل عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين والخبراء المحليين والدوليين.
وتُحقق سلطنة عُمان بحصولها على هذا الاعتراف هدف استراتيجية منظمة الصحة العالمية لقطاع الصحة العالمية 2022-2030 الرامي إلى تحقيق القضاء على فيروس مرض نقص المناعة البشري من الأم إلى الطفل في 50 دولة على الأقل بحلول عام 2025، و100 دولة بحلول عام 2030.
وجاء حصول سلطنة عُمان على هذا الإنجاز لعدة عوامل منها وجود قيادة حكيمة ملتزمة بالعمل من أجل تحقيق واستدامة القضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري والزهري من الأم إلى الطفل (EMTCT)، ودمج مؤسسات الرعاية الصحية الأولية التي تقدم الرعاية للأم والطفل في جميع محافظات سلطنة عُمان، إضافة إلى وجود شبكة مختبرات تقوم بإجراء فحوصات عالية الجودة ووجود أنظمة محدثة حول علاج فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” في سلطنة عمان، ووجود نظام إلكتروني في جميع المؤسسات الصحية سواء التابعة لوزارة الصحة أو غير التابعة لها والمؤسسات الصحية الخاصة.
وبدأ مشروع القضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري والزهري من الأم إلى الطفل في سلطنة عُمان بقرار وزاري في يوليو 2020 بتشكيل لجنة وطنية تقوم بالعمل على مراجعة وتحسين السياسات لمشروع القضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشري والزهري من الأم إلى الطفل.
ويُحفز الإنجاز الذي حققته سلطنة عُمان العديد من الدول الأخرى في المنطقة وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي للعمل من أجل تحقيق هدف القضاء على فيروس مرض نقص المناعة البشري من الأم إلى الطفل.
وستواصل وزارة الصحة العمل بتوصيات اللجنة الاستشارية للمصادقة العالمية (GVAC) للحفاظ على قضاء السلطنة على انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل، والتي ستراجعها اللجنة (GVAC) في مارس 2025.
وستعمل الوزارة على تسريع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لمكافحة فيروس مرض نقص المناعة البشرية العدوى المنقولة جنسيًّا، بما في ذلك زيادة الوعي بين العاملين الصحيين وعامة السكان في سلطنة عُمان.