الجفاف يهدد الأمن الغذائي في فرنسا
انستا عمان- عانت فرنسا من موجة حر قاسية هي الدولة الثالثة منذ بداية الصيف، ووضعت العاصمة باريس وضواحيها القريبة “في حالة تأهب” للجفاف. ويؤكد تواتر موجات الحر تبعات ظاهرة الاحتباس الحراري الذي بدأ يؤرق الفرنسيين. وتشكو فرنسا من جفاف استئنائي أثر سلبا على قطاعات الزراعة والملاحة النهرية والأنشطة الترفيهية المائية. ووضعت السلطات قيودا على استخدام المياه لأغراض غير ضرورية كما أعلنت أراضي 57 دائرة إدارية “في حالة أزمة”.
وقد أوقفت باريس إنتاج جبنة “الساليرز” التي يعود عمرها إلى ألفي سنة، في منطقة أوفيرني الوسطى بسبب نقص الأعشاب.
ودفعت موجة الحر التي تجتاح فرنسا منذ يونيو إلى تساقط أوراق الأشجار في وقت مبكر، ما خلق مشاهد تبدو خريفية.
وجبن “الساليرز” هو جبن بقري شبه صلب غير مبستر، يتم تصنيعه في فرنسا في منطقة تحمل نفس الاسم، وظل إنتاجه مستمراً منذ 2000 عام، وهو أيضاً يحمل ختم AOP الفرنسي والذي يعني أن المنتج فريد ويخضع للمنطقة الجغرافية التي تشتهر بصناعته.
ويُعد توقف إنتاج الجبن الشهير ضحية من ضحايا الجفاف الصيفي في فرنسا، فإحدى أهم القواعد الصارمة لإنتاجه هو أن الأبقار يجب أن تتغذى على 75 بالمئة على الأقل من عشب المراعي الجبلية، لكن درجات الحرارة الحارقة تسببت في تيبس وجفاف العشب، وهو ما أدى إلى يأس معظم المزارعين البالغ عددهم 76 مزارعاً وهم الذين يذهب حليبهم إلى إنتاج الساليرز.
وقال، لوران رو، أحد المزارعين لإذاعة فرنسية: “لم يتبق شيء للأكل، العشب جاف جداً بحيث يبدو في بعض الأماكن مثل الرماد أو الغبار”، بحسب صحفية الغارديان.
وتم اتخاذ القرار بوقف إنتاج الجبن بشكل مؤقت على أمل أن تهطل الأمطار في سبتمبر، علماً أنها المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف إنتاج جبن الساليرز تماماً.
من جانبه، أكد رئيس المجموعة المحلية لصانعي جبن الساليرز أنه بدون توافر العشب، سيبدو الجبن ومذاقه مختلفين تماماً، مما يهدد بإلحاق الضرر بسمعة الجبن، فالساليرز جبن موسمي، يُصنع في موسم الأعشاب. وهذه واحدة من أركان هويتها”، مضيفاً أنها المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف إنتاج جبن الساليرز تماماً.
وتعاني فرنسا أسوأ موجة جفاف على الإطلاق؛ حيث تركت بعض القرى في الجنوب من دون مياه شرب آمنة، وتعتمد على المياه التي تصلهم بالشاحنات، كما حذر المزراعون من نقص الحليب في الشتاء المقبل.
وفي يوليو، كان مستوى مياه الأمطار في فرنسا 9.7 ملم فقط، ما يجعله الشهر الأكثر جفافاً منذ مارس 1961، حسبما ذكرت خدمة الطقس الوطنية ميتيو-فرانس.
وحُظر الري في معظم أنحاء شمال غرب وجنوب شرق فرنسا للحفاظ على المياه.
ويضطر مربو الماشية في جبال الألب إلى النزول إلى الوديان بالشاحنات كل يوم لجمع المياه لحيواناتهم، ما يضيف عدة مئات من اليوروهات إلى فواتير الوقود الأسبوعية، حسبما ذكرت وسائل إعلام فرنسية.
وكما من المتوقع أن ينخفض محصول الذرة بنسبة 18.5% هذا العام، وقال المزارعون إن محاصيل الحبوب والفواكه والخضراوات الأخرى في خطر أيضاً.
ومن المتوقع أن تكون صادرات الذرة من فرنسا وهنغاريا ورومانيا وبلغاريا أقل هذا العام بسبب موجة الحر. وهذه الكميات المنخفضة ستدفع الأسعار إلى الارتفاع.
وهناك مخاوف من أن الجفاف، الذي يضرب كل البر الرئيسي لفرنسا تقريباً، سيقلل المحاصيل، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء الناجمة عن أزمة أوكرانيا.
ويعاني الأوروبيون بالفعل ارتفاعاً لأسعار المواد الغذائية؛ إذ إن صادرات الحبوب من روسيا وأوكرانيا – وهما من بين أكبر المنتجين في العالم – أقل بكثير من المعتاد.